الاقتراض الصحي المدروس هو أمر إيجابي، خصوصاً في القروض العقارية

أقامت جمعية الريادة الشبابية حلقة نقاشية بعنوان “القروض الشخصية في البحرين” والتي جاءت ضمن الحفل الختامي لبرنامج الوعي المالي الشخصي (ديناري ٢٠٢٣).

وقد شارك في الحلقة النقاشية كلاً من الدكتور عمر العبيدلي رئيس مجلس إدارة جمعية الاقتصاديين البحرينية والسيد عارف خليفة محاضر مصرفي وباحث اقتصادي والسيد محمد بوحجي عضو لجنة الخدمات المصرفية للأفراد والاستثمار بجمعية مصارف البحرين وأدارتها السيدة أميرة محمود عضو اللجنة الاستشارية بجمعية الريادة الشبابية.

وتناولت الحلقة النقاشية مستوى الوعي المجتمعي الخاص بثقافة الادخار والاقتراض في المجتمع البحريني والسياسات العامة تجاه القروض وضوابط التمويل، ومزايا ومخاطر القروض للمواطن بالإضافة الى المنافسة والتشريعات في قطاع صناعة الاقراض.

وقد بينّ ضيوف الحلقة النقاشية بأن هناك اقل من 30% من الاشخاص في البحرين قادرين على الادخار وهذا معدل منخفض، غير أن نسبة الادخار عند سكان البحرين من 7 الى 10 % وهو معدل جيد. أما فيما يخص القروض، فقد ارتفعت قيمة القروض من مليارين و900 مليون دينار في 2019 الى 5 مليار و962 مليون في 2022 بمعدل ارتفاع 10 % سنويا تقريبا وهو معدل مرتفع مقارنة بالاقتصادات الناشئة، كما أشار ضيوف الحلقة النقاشية إلى أن ارتفاع معدل قروض الافراد مؤشر خطير.

وقد أشار ضيوف الحلقة النقاشية الى أن الجهات الرقابية تلعب دوراً في التوعية المالية المجتمعية ولكن هناك دور مهم لمؤسسات المجتمع المدني في نشر هذا الوعي المجتمعي لجميع فئات المجتمع. كما أشاروا إلى أن العنصر الأساسي في عملية الوعي المجتمعي هو الفرد نفسه من خلال إدارة المال بطريقة ذكية ولكن للأسف هناك نزعة استهلاكية جامحة لدى المجتمعات الخليجية ولذلك تغيير ثقافة الفرد نفسه هو أهم محور لعلاج هذه المشكلة.

كما بين المتحدثون إلى أن القرض أداة مفيدة لإدارة ميزانية الأسرة ولكنها حل مؤقت إذا كانت بسبب سد فجوة في إنفاق الاسرة، غير أن الخطورة في القروض تكمن في دفع فائدة على سعر القرض ولذلك يجب التخطيط المالي للمستقبل جيدا، حيث أن احيانا يكون تخفيض النفقات من خلال خطة مالية أفضل من الاقتراض إذا كان في أمر يمكن الاستغناء عنه.

وفيما يخص ارتفاع نسبة القروض المقدمة للأفراد أكثر من المقدمة لقطاع الاعمال بحسب التقرير الاقتصادي الفصلي لمصرف البحرين المركزي للربع الثاني من عام 2023، أشار المتحدثون إلى أن في الوضع الطبيعي يجب ان يتراجع الاقبال على القروض بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، ولكن حدث العكس في البحرين، وذلك لسببين، يرجع الأول لزيادة قروض الأفراد فهناك 45% من قروض الأفراد مرتبطة بالعقارات وذلك بسبب زيادة الأقبال على برامج التمويل الاسكاني، وثانياً بسبب أن الكثير من الشركات المملوكة للأفراد، قام أصحابها بالاقتراض بأسمائهم ليضخ المال في شركتهم لتنشيطها، وهذان السببان زادا اقبال الأفراد على القروض.

وفيما يتعلق بوجود نسبة صحية للقروض بالنسبة لعدد السكان والنمو الاقتصادي في الدول، بين الضيوف بأنه لا توجد نسبة مثلى لنسبة القروض لأنها مرتبطة بما تقدمه الحكومات من ضمانات اجتماعية، إضافة الى نشاط الأعمال الخيرية في الدول. غير أن حالياً ما يقارب من 80% من البحرينيين لديهم قروض وهذا يعد معدل مرتفع جداً.

وأشار المتحدثون بأن المصرف المركزي وضع ضوابط للمقترضين مثل نسبة استقطاع لا تتجاوز 50% في القروض الاستهلاكية ووضع قيود على البنوك من حيث نسبة القروض من المحفظة التمويلية فمثلا في حال القروض العقارية يجب الا تتجاوز النسبة عن 20%. كما أن قدرة الأفراد والمؤسسات المالية على الوصول الى معلومات عن وضع الشخص الائتماني أمر إيجابي في مملكة البحرين. كما أوضحوا بأن المنافسة بين البنوك في البحرين شرسة، فنرى أنه قبل عشر سنوات كان الاقراض مقتصر على البنوك التجارية واما اليوم نرى مؤسسات تمويلية اخرى دخلت في منافسة الاقراض وهذا جعل المنافسة اقوى.

وفي ختام الحلقة النقاشية، توجه المتحدثين بنصائح للشباب، منها ألا يبدؤون حياتهم بقروض استهلاكية بل بقروض استثمارية مثل شراء العقارات حتى البسيطة والتي تحقق الفائدة على المدى الطويل، بالإضافة الى عدم الانسياق وراء دعايات مواقع التواصل التي تدفع الفرد للاستهلاك أو العروض التمويلية حيث أصبح وصول الأفراد للتمويل اليوم بمساعدة التكنولوجيا أسهل مما جعل كثير من قرارات العملاء غير مدروسة. وأتفق ضيوف الحلقة النقاشية بأن التشجيع على الاقتراض المطلق مرفوض ولكن الاقتراض الصحي المدروس هو امر إيجابي، حيث أن هناك أمور ضرورية تستحق الاقتراض مثل العقارات وأن يبدأ الفرد بالادخار مبكراً ويجب ان لا تقل نسبة الادخار عن 10%.

ومن الجدير بالذكر أن الحلقة النقاشية جاءت ضمن الحفل الختامي للنسخة الخامسة من برنامج الوعي المالي الشخصي ديناري والذي حضره سعادة السيد أسامة بن أحمد خلف العصفور وزير التنمية الاجتماعية صباح السبت الرابع من نوفمبر.